مناقشة رسالة الماجستير الموسومة (جـدليـة المعنى وافق التوقع في تجارب المسرح العراقي المعاصر) للباحث (منتظر خضير محسن) وبأشراف(أ.م.د. حارث حمزة الخفاجي )، يتناول الباحث الحقل المسرحي وتطوراته الكبيرة التي شملت الجانب الشكلي والجانب الدلالي، بهدف بناء روئ مغايرة ومتواصلة مع المتغير الثقافي المعاصر، فقد ظهر توجه واضح نحو اعادة النظر في مفهوم المعنى، لما لهذا المفهوم من اهمية كبيرة في الفكر البشري بوصفه تواصل انساني بين الشعوب يكشف عن ثقافتهم ورؤيتهم للعالم والتاريخ.
وتعد التجربة المسرحية انعكاساً للعالم ومتغيراته يأتي المعنى فيها ويتشكل برؤى قد تكون قصدية او خيالية، وفي كلا الحالتين يدخل المعنى في علاقة تواصلية مع المتلقي الذي يحاول ايجاد المعنى وتفسيره في حدود ما يملكه من مخزون ثقافي وقدرات معرفية وكذلك قدرات توقعيه فالتوقع هو عملية بناء الاحداث واستلهام معانيها داخل فضاء النص او العرض المسرحي، وهو يخضع الى متغيرات متعددة منها الوعي الجمعي والمستوى الثقافي والقدرة على التوقع لدى المتلقي، فهو يبني توقعات قد تتحقق او لا تتحقق بحسب فهمه للمعنى.
ان عملية اشتغال المعنى ضمن فضاء التلقي للتجربة المسرحية اتجهت نحو مراعاة انظمة الوعي المعاصر انطلاقا من المعطى الثقافي وافاق التوقع للقارئ النموذجي الذي تتوزع ادواته بين المرجع بمختلف مستوياته والواقع الاني الذي يمثل فضاء التلقي وانصهار مجمل الخبرات داخل هذا الفضاء ، وهو ما تمخض عن تجارب واضحة على المستوى المحلي والعربي والعالمي.
وهذه الدراسة تتناول جدلية المعنى وافق التوقع في تجارب المسرح العراقي، وهي في اربعة فصول، تناول الفصل الاول منها، الاطار المنهجي الذي تضمن مشكلة البحث واهميته واهدافه وحدوده التي تمثلت في النتاج المسرحي للفترة الزمنية الممتدة من عام 2004 الى عام 2014 في العراق، وتتناول الفصل الثاني الاطار النظري، وهو في ثلاثة مباحث، الاول منها جدلية المعنى بين الفكر الفلسفي والمنهج النقدي، فيما تناول المبحث الثاني المعنى وافق التوقع في المناهج النقدية. اما المبحث الثالث، فقد تطرق الى المعنى وافق التوقع في الخطاب المسرحي نصاً وعرضاً.
فيما شمل الفصل الثالث اجراءات البحث، التي تضمنت مجتمع البحث ومنهجيته واداته وعينته التي تمثلت باختيار خمسة نماذج لعروض مسرحية عراقية، بشكل قصدي وفق ضوابط للكشف عن المعنى وافق التوقع عند القارئ والمتلقي. وقد توصل الباحث الى جملة من النتائج تم عرضها مع الاستنتاجات والمقترحات والتوصيات في الفصل الرابع، ونذكر من النتائج ما يلي:
1. يظهر المعنى في النص من خلال تآزر ثلاث مستويات، النص، الكاتب، المتلقي، لان الفهم مرتبط بالافق التاريخي للمستويات اعلاه معا، نجد ان هناك انصهار لافق التجربة وافق التوقع (انصهار الافاق) مفتاح جوهريا في فهم النص والمعنى.
2. يعد انتاج المعنى في النص بصفته تمثلا للواقع ومعالجته بمختلف محمولاته وابعاده الذاتية والجمعية لتشكل فعلا محركا لمجمل التأويلات القرائية على مستوى النص والعرض والتلقي في الخطاب المسرحي.
3. استعارة المفردات المغايرة للواقع في الحوار اثناء العرض، ساهمت مع الافادة من الفجوات والانتظارات عند المتلقي، في منح النص والعرض المسرحي انفتاحا واتساعا في المعنى وفتح باب افق التوقع للمتلقي للاحداث المقبلة.



Comments are disabled.