صدر حديثا كتاب (التقنية الرقمية والبديل الضوئي في العرض المسرحي ) للاستاذ المساعد الدكتور عماد هادي الخفاجي، قسم الفنون المسرحية.
     يبدأ المؤلف من التطور العملي الذي شهده المسرح الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين في مجال التكنولوجيا, ولا سيَّما مع ظهور الكمبيوتر الذي نتج عنه ثورة تكنولوجية غيرت مفهومات المجتمعات البشرية بإتجاه قيم ميل وتفضيل جمالي مرتبطة بتلك القدرة التكنولوجية المستحدثة, وأنّ هذا التطور أدى بشكل مباشر إلى توافر إمكانات عصرية فائقة لمعالجة وتقديم الرؤية الفنية للمخرج, وتحقيق فضاءات المؤلف، فضلاً عن تعزيز أداء الممثل بالوسائل التقنية في تجسيد إبداعه الأدائي، فكان الخلق الفني  بالتقنيات الحديثة أوجد ظروفاً عصرية حديثة للتداول الجمالي, إذ أصبح بإمكان المتلقي أنْ يشاهد العرض بظروف متساوقة مع حركية الصورة الذهنية إفتراضاً مضاعفاً عن الواقع بدواعي المحاكاة في الفضاء الدرامي المفترض، وتداعياتها في الفضاء المسرحي في ظل الإمكانات والتجهيزات التقنية الحديثة، ومن حيث الزمان والمكان وتقنيات الصوت والصورة  وبما يتناسب وروح العصر.

ومن هنا نجد أنّ التطور التكنولوجي في العصر الحديث له الأثر الكبير, إذ يساعد في توظيف السينوغرافيا لصناعة الصورة المرئية التي تتلائم مع متطلبات العصر الحديث,  إذ أنّ ظهور التقنية الرقمية ومن ثم العالم الرقمي يعد من الانجازات الفاعلة والمتفاعلة مع العرض المسرحي, والتي تدفع بمكوناته إلى الأمام من حيث التوظيف والجمال, الأمر الذي سيجعل من العرض المسرحي أنْ يتفاعل مع المتغيرات التقنية من أجل صناعة سينوغرافيا تستطيع أنْ تخلق الإبهار والدهشة البصرية بما يحتاجه المتلقي في العرض المسرحي. إذ عمل المشتغلون في عالم المسرح على تطويع كل هذه المعطيات, والمستجدات, والمبتكرات الحديثة لتوظيفها من أجل الوصول بإعمالهم إلى مستوى التكامل الفني, والتي يعد الكومبيوتر جزءاً منها فضلاً عن عد جهاز البديل الضوئي أو (الداته شو) جهازاً من شأنه أنْ يضفي إستعمالاً تقنياً يحقق عن طريقه كل ما يجعل الضوء مبهراً في إستعماله, أو يجعله مكوناً للفضاءات المرئية المفترضة التي تساعد المخرجين والمصممين على إنتاج أشكال إبداعية, وصولاً إلى التكامل الفني في العمل المسرحي, لذلك يعد الكمبيوتر والبرمجيات من أبرز مظاهر الثورة الرقمية التي عملت على توسيع فعالية الخطاب الحسي للعرض المسرحي والموجه للمشاهد المسرحي بزيادة القدرة على مخاطبة جميع حواسه والتأثير بمدركاته العقلية وبما أن الكمبيوتر ومكوناته هو مكون أساسي لوسائط عِدّه, والتي كانت على مستوى عالي من الجودة والأهمية في تحقيق التكامل بين العلوم والفنون لذا فأنَّ بنية الكمبيوتر التقنية وسعت الإمكانيات المتاحة للمسرح التقليدي بإضافة قوة أضافية إلى المخرج ومصمم الإضاءة وكُتاب الدراما والكيفية التي تؤثر على المتلقي, وهذا ما دفع الباحث إلى إستعمال الأداء الذكي من خلال الكمبيوتر لجعل المؤثرات شيئاً سهلاً وممكنا من خلال التعرف على التقنية الرقمية والتوظيف الجمالي لجهاز(الداته شوData Show Projector) كبديل ضوئي عن جهاز الإضاءة التقليدي في العرض المسرحي من خلال الإفادة من الأنظمة الرقمية وخاصة نظام الألوان الضوئي (RGB) والذي أتاح التحكم في نسبة كل لون بمقدار يتراوح ما بين الصفر إلى 255 لون وان التغير في مقدار كل لون يتيح فرصة الحصول على أكثر من 16 مليون درجة لونية مختلفة وان السبب في هذا الكم الهائل من الألوان يعود إلى إن نظام الـ(RGB) هو نظام خاص للتصميم المرئي الذي تستعمله الأجهزة الرقمية القائمة على مبدأ الضوء كأجهزة المسح الضوئي والكاميرات الرقمية جهاز اسقاط الفيديو(Video Projector) والمرئيات بتقنياتها المختلفة ومنها التي أفاد الباحث منها في كتابه( الداته شو) فعمل الباحث على المزاوجة العلمية والفنية بين نظام الـ(RGB) اللوني الرقمي وجهاز الداته شو وأحد البرامج المختزنة بالكمبيوتر ليقوم بإنتاج جهاز بديل ضوئي وفر معالجات متعددة ومهمة أُفرزت عن طريق التجربة على جهاز (الداته شو). 

لذلك فعملية المزاوجة بين العلم والفن أعطت دعماً إضافياً للعملية الفنية فأصبح فن المسرح تحت ظل التكنولوجيا من الفنون التي تأثرت بشكل خاص بالتطورات التقنية الحديثة ولاسيما على المستوى التقني مما ساعد المخرج والمصمم على إمتلاك القدرة بالتنوع بمجال العمل وإضافة حلول متعددة لأي مشكلة تقنية ومما لا شك فيه إن هذا التطور أدى بشكل مباشر إلى خلق آفاق جديدة أمام المخرجين والمصممين والمؤلفين لإكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني من أجل تطوير العرض المسرحي.



Comments are disabled.